مع اقتراب رمضان، تتحرك النفوس شوقاً لاستقبال هذا الشهر النفيس، ويعزم الكثيرون على استغلال لحظاته قبل ساعاته فهو أيام معدودة وفرص ثمينة.
ويأت السؤال في موسم الاستعداد “كيف أخطط لرمضان؟” فدونك بعض الخطوات التي نأمل أن تمهد لك الطريق
كيف أخطط لرمضان؟
أولاً: مرحلة وضع الأهداف.
وفيها تحدد أهدافك متصفة بسمات محددة
سمات هذه الأهداف:
١. فيها تحدٍ
وذلك بأن تكون فوق نطاق عادتك وخارج منطقة راحتك، ولكن ليست فوق نطاق طاقتك وقدراتك كي لا تنجر نحو الكسل والإهمال ثم الإحباط واليأس والقنوط.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ). رواه البخاري ومسلم.
وسُئِلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال: (أدوَمُها وإن قلَّ).
وقال: (اكلُفوا من الأعمالِ ما تُطيقون). رواه البخاري.
اسأل نفسك: كم ختمة ختمت رمضان الفائت؟ أربع ختمات؟
فهدفك في رمضان القادم أن لا يقل عدد الختمات عن خمس
والمرجو من وراء ذلك: صنع تحدٍ، يقودك إلى اجتهاد أكبر.. فحتى لو لم تحقق الهدف..فأنت شعرت بلذة البذل وخشوع القلب، وتكون قد نلت ثواب صدق النية -بإذن الله-.
أهدافك لتكن أعلى شيئا يسيراً مما تنجزه بسهولة ويسر دون تكلف:
- لرفع الهمة وزيادة البذل.
- حتى لا يدخل العجب والغرور.
- تبقى متذكراً تقصيرك وترجو من الله القبول.
٢. غير مقيدة بسقف (مبدأ على الأقل)
ومما تتسم به هذه الأهداف كونها تعبر عن الحد الأدنى من الإنجاز، وليست تفرض على الإنجاز سقفاً.
فمثلاً؛ يكون هدفك قراءة ثلاثة أجزاء يومياً على الأقل. وليست ثلاثة أجزاء فقط.
لأن الأيام ليست على حد سواء، فأياماً تستطيع أن تقرأ أكثر، فلا تحرم نفسك بهذا الحد وانطلق، وأياماً أخرى قد يعتريك تقصير وستجاهد من أجل أن لا تقرأ أقل من الأجزاء الثلاثة. .
٣. قابلة للمحاسبة والتغيير
لابد أن تخضع الأهداف لنقاط محاسبة وقابلية للتغيير.
فالعشر الأولى مرحلة المراقبة.
فتسأل عن همتك بعد انقضاءها؟ هل شعرت أن الوقت تم استغلاله بشكل جيد؟ هل تشعر أنك تحتاج إلى بذل أكبر؟
أما عند دخول العشر الأواخر فتجدد الهمة وتضع أهدافاً جديدة وخطة جديدة تتناسب مع فضيلة هذه العشر.
معيار صحة الأهداف: أن تجد قلبك، أن تشعر بلذة مناجاة الرحيم.
انتبه: استخدم خطتك الخاصة، لا جداول جاهزة، لا خطط لآخرين.
فكل إنسان أدرى باستطاعته ومقدرته. فالذي لا يحفظ الكثير من القرآن، لن تكون التلاوة سهلة عليه مثل الحافظ أو الذي تعود التلاوة.
كذلك الموظف والطالب وربة المنزل ليسوا كالمتفرغ.
٤. تحقق خشوع القلب
معيار نجاحك في تحقيق أهدافك (أن تجد حياة قلبك).
سُئِل الشيخ عبد المحسن الزامل: إذا تزاحم قراءة القرآن وحضور حلقات علم في رمضان فماذا نُقدم؟!
فأجاب:
أعمال الخير يجتهد الإنسان في أن يجمع ما تيسر منها ويأخذ بنصيب كل ما تيسر منها والوقت ولله الحمد فيه بركة..
الإنسان ممكن أن يجمع بين طلب العلم وبين قراءة القرآن وبين الصلاة، ولهذا أنت تحدث أصحابك وتجلس معهم وتأنس معهم وربما قد يكون ذلك وقت طويل ولا يؤثر على قراءتك للقرآن، لكن إن كان الإنسان مثلاً يقول إنه في حلق العلم يغفل ولا يحضر ويسهو وأنه إذا قرأ القرآن يحصل التدبر والخشوع والحضور فهذا ربما يقال إنه أفضل في حقه.
ثم انظر لقلبك وأيهم أصلح له إلا إذا كنت محتاج لشيء من العلم ويفوتك شيء من المسائل فعليك في هذه الحالة أن تجتهد في حضور حلق العلم لأن تعلم العلم أفضل في القرب وعند جماهير العلماء أفضل من نوافل العبادات.
ثانياً: مرحلة تجهيز مستلزمات تحقيق الأهداف.
جهز كل مستلزمات تحقيق الأهداف قبل أن يدخل رمضان،
- هل أنت بحاجة إلى تهيئة مكان يتسم بالهدوء والنظافة؟
- هل تحتاج إلى مصحف بخط عريض أو كبير ترتاح فيه عينك مع القراءة المتواصلة؟
- هل تحتاج إلى حامل للمصحف في صلاة القيام؟
- ربما أنت بحاجة إلى أن تسأل عن مسجد لقارئ مجود وحسن الترتيل؟
- أو إلى اقتناء كتب الأدعية أو طباعة شيء من الوسائل الدعوية؟
- وللنساء: هل تحتاجين إلى ثوب صلاة جديد أكثر ستراً وراحة؟
المراقبة والمحاسبة خلال رمضان:
إذا رأيت أنك تنجز الأهداف براحة وسهولة، وأن باستطاعتك أن تبذل أكثر، راجع أهدافك وزد عليها.
أما إن وجدت قصوراً عن تحقيق الأهداف، لابد أن تحدد سبب المشكلة لتصلح الخلل، وأول خطوة في سبيل تحقيق ذلك هي أن تعترف بجميع الأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، فالاعتراف أول خطوة لحل جميع المشاكل.
صارح نفسك:
- هل كان السبب خطأ في تقسيم الوقت؟
- هل كان السبب ضياع الوقت على الجوال؟
- هل كان السبب كثرة الخلطة بالناس؟
- هل كان السبب كثرة النوم؟
- هل كان السبب امتلاء البطن بعد الفطور؟
ثم لابد أن تضع حلولاً جدية والقابلة للتنفيذ:
على نحو:
– مغادرة مجموعات الواتس أب، أو حذف التطبيقات.
– تصحيح وضع الأكل والنوم، وتقسيم الوقت.
– تقليل الخروج مع الأصدقاء لاسيما فيما لا يعود بالنفع والفائدة.
أحيانا قد يكون السبب شيئاً عارضاً ليس بيدك، مثل العمل، المرض، أو حاجة الوالدين، هنا تعاد هيكلة الأهداف وترتب الأولويات.
لابد أن تتذكر أن أيام رمضان ليست كباقي الأيام وأنها معدودة ولا مجال للتفريط فيها، لذلك أجل كل ما يمكن تأجيله حتى انتهاء هذا الشهر الكريم، وتخفف من كل العوالق والعوائق.