قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

وقفتان مع حديث: (إن لله تسع وتسعون اسما)

المحتويات:

وقفتان مع حديث: (إن لله تسع وتسعون اسما)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمَّدٍ،
وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد وصف الله نفسه في محكم التَّنزيل بأنَّ له الأسماء الحسنى في أربعة مواضع من كتابه، منها قوله -جلَّ شأنه- :{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180]، وأخرج الشَّيخان البخاريُّ ومسلمٌ من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة»، فقد أمرنا ربُّنا -تعالى ذكره- بدعائه بأسمائه الحسان، وحثَّنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- على إحصائها، ورغَّبنا بالثَّواب العظيم؛ لأنَّ «معرفة أسماء الله -عز وجل- أصل الإِيمان، وتتضمن أنواع التَّوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وهذه الأنواع هي روح الإِيمان، وأصله وغايته.

فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه، وقوي يقينه، فينبغي للمؤمن أن يبذل مقدوره ومُستطاعه في معرفة الأسماء والصفات»، وذلك: «لأنَّ المعلومات القدريَّة والشرعيَّة صادرةٌ عن أسماء الله وصفاته، ولهذا كانت في غاية الإحكام، والإتقان، والصَّلاح، والنَّفع».

ولنا مع هذا الحديث الشَّريف «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا…» وقفتان:

أولاهما: عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا».

ثانيهما: عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أحصاها».

وختمته بفائدةٍ مناسبةٍ، مستعينين بالله تعالى، متقرِّبين إليه بهذا الشَّأن.

 

  • الوقفة الأولى: عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا»

← أسماء الله -عز وجل- غير محصورةٍ في هذا العدد، فله سبحانه أسماء غيرها، إذ هذه دلالة الحديث التي نقل النوويُّ -رحمه الله- الاتِّفاق عليها، في قوله: «اتفق العلماء على أنَّ هذا الحديث ليس فيه حصرٌ لأسمائه -عز وجل-، فليس معناه: أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث: أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد: الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها».

← ويؤيده: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- الذي أخرجه الإمام أحمد، وصححه ابن حبَّان: «أسألك بكل اسمٍ هو لك، سمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك».

  • الوقفة الثانية: عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أحصاها»

ليس المراد بالإحصاء هنا هو الإحصاء العدديُّ المجرَّد عن الفهم أو الاعتقاد، «فإنَّ الكافر قد يذكرها حاكيًا لها، ولا يكون من أهل الجنَّة، وإنَّما أراد بإحصائها: العلم بها، واعتقاد معانيها»، وقد بيَّن العلَّامة ابن القيِّم -رحمه الله- أنَّ إحصاء أسماء الله -عز وجل- يكون على مراتب، حيث قال: «بيان مراتب إحصاء أسمائه -التي من أحصاها دخل الجنة-، وهذا هو قطب السَّعادة، ومدار النَّجاة والفلاح:

المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعَدَدِها.

المرتبة الثَّانية: فهم معانيها ومدلُولِها.

المرتبة الثَّالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: «وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا».

 

فائدةٌ/ ما الاسم الذي ينبغي لمن دعا اللهَ بأسمائه الحسنى أن يدعو الله به؟

 «ينبغي له أن يتوسَّل إليه –تعالى- بالاسم المقتضِي لذلك المطلوب، المناسب لحصوله، حتى كأنَّ الداعي يستشفع إليه متوسِّلًا إليه به، فطالب المغفرة يقول: “يا غفَّار اغفر لي”، وطالب الرحمة يقول: “يا رحمن ارحمني”، وطالب الرِّزق يقول: “يا رزَّاق ارزقني”، والتائب يقول: “يا توَّاب تب عليَّ”، وهلُمَّ جرًّا».

 

❖ وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين ❖

 

من منتجاتنا

No data was found