قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

كيف أحافظ على صلاة الفجر؟

المحتويات:

كيف أحافظ على صلاة الفجر؟

كيف أحافظ على صلاة الفجر؟

وضع الله سبحانه للمؤمنين اختبارات عديدة في هذه الحياة، ليميز المؤمن من المنافق، ومن هذه الاختبارات الخطيرة، اختبار صلاة الفجر!

[ سؤال تفاعلي: متى تصلي الفجر؟ 

أ. بعد الأذان مباشرة / في المسجد جماعة. 

ب. بعد طلوع الشمس. 

ج. قبل الذهاب للعمل مهما كان وقته. 

د. أجمعها مع صلاة الظهر. ]

لتنجح في الاختبار؛ على الرجال المواظبة عليها جماعة في المسجد، وعلى النساء أن تصليها في أول وقتها في البيت.

*وقت صلاة الصبح:

من ظهور الفجر إلى شروق الشمس. 

ليست وقتما تستيقظ ظهرا، وليست بعد الإشراق، وليست وقت بدْء عملك!! 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب العمل إلى الله تعالى الصلاة على وقتها…”  (رواه البخاري) 

*مستحيل أن أقوم!! 

إن الله سبحانه وضع قوانين ممكنة التطبيق، وفرْض صلاة الصبح من الممكنات، فيستحيل أن يكون استيقاظك مستحيلا! 

تأمل.. لو قُبلت في وظيفة تبدأ من الرابعة فجرا، أكنت تتعذر؟؟ لو حجزت تذكرة طائرة في وقت الفجر، أيستحيل عليك لحاقها؟؟ لو ووعدك شخص أن يعطيك ألفا كل صباح، أكنت تعتذر بالنوم؟؟ 

الأمر كله بتوفيق الله، ثم بإرادة صادقة.

*خصائص صلاة الصبح الفريدة:

هذه الصلاة العظيمة لها مكانتها في الإسلام، فهناك فيض من الأحاديث المشجعة على هذه الصلاة، ويعلي من شأن المحافظين عليها، وقد جمعنا بعضا من هذه الخصائص في سلسلة، نسأل الله أن ينفعنا بها، ويعيننا على أدائها. 

الخاصية الأولى: أجر بلا حدود! 

لمن صلاها في جماعة المسجد، فإلى جانب أجر ٢٧ صلاة، فإن له أجر قيام ليلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله” (رواه مسلم) 

الخاصية الثانية: نورٌ يوم القيامة! 

قال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (الحديد:١٢)، هذا النور العظيم جاء من أعمال صالحة كثيرة، منها صلاة الفجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بشّر المشّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة” (رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه) . 

اللهم نور لنا دنيانا وقبورنا وآخرتنا! 

الخاصية الثالثة: وعدٌ بالجنّة! 

منتهى حلم المؤمن ومناه أن يدخل الجنة، وقد وعده الله بذلك إن هو صلى الصبح والعصر، قال صلى الله عليه وسلم:” من صلى البردين دخل الجنة” (رواه البخاري). 

الخاصية الرابعة: تضييع الفجر أمر عظيم! 

إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هو الصلاة، فكيف وأنت مضيع أو مفرط لفرض عظيم، فاحذر ولا تغتر بأن الله سبحانه غفور رحيم، فقد قال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (آل عمران:٣٠) .

الخاصية الخامسة: نافلة الصبح خير من الدنيا كلها! 

ما تركها النبي صلى الله عليه وسلم في حضر ولا سفر، وكان يصليها خفيفة قبل الفجر، قال صلى الله عليه وسلم: “ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها” (رواه مسلم)، إن ما يمنعنا عن صلاة للصبح شيء ضئيل من الدنيا، أهو سهر أم لعب أم مشاهدات بلا فائدة، كل الدنيا بما فيها من ملذات لا تصل إلى قيمة ركعتي الفجر، فما بالك بالفرض نفسه! 

الخاصية السادسة: فقه خاص، وذكر خاص! 

انفردت صلاة الصبح بأمور ليست لغيرها، منها: 

١. أذانها متميز عن بقية الصلوات، فيقال بعد حي على الفلاح: “الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم” . 

٢. للفجر أذكار خاصة به، منها: قال صلى الله عليه وسلم: “من قال في دُبُرِ صلاةَ الفجرِ وهو ثانٍ رجلهُ قبل أن يتكلمَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وحدَهُ لا شريكَ لَهُ ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ ، يُحيي ويُميتُ وَهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، عشرَ مرَّاتٍ، كَتب اللَّهُ له عشرَ حسناتٍ، ومَحا عنهُ عشرَ سيئاتٍ، ورفعَ له عشرَ درجاتٍ، وكان يومَه ذلك كله في حرزٍ من كلِّ مكروهٍ، وحُرِسَ منَ الشَّيطانِ، ولم ينبغِ لذَنبٍ أن يدرِكَه في ذلك اليومِ إلا الشِّركَ باللَّهِ تعالى” (رواه الترمذي والنسائي) . 

٣. كان صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في الفجر، فيقرأ من المائة إلى الستين آية. 

٤. لصلاة الفجر يوم الجمعة سور مخصوصة سنت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقرأ في الأولى سورة السجدة، وفي الثانية سورة الإنسان. 

٥. صلاة الصبح لا تجمع ولا تقصر. 

الخاصية السابعة: في حفظ الله! 

قال صلى الله عليه وسلم: “مَن صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ” (رواه مسلم) ، أنت في حماية مالك الملك وخالق الأكوان، فتشعر بثقة هائلة، وثبات أمام المحن إذا صليت الصبح. 

الخاصية الثامنة: دورة تدريبية روحية! 

كان صلى الله عليه وسلم يحفز أصحابه على البقاء في المسجد بعد الصبح إلى الإشراق، فيعظهم أحيانا ويدعوهم إلى ذكر الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم: “من صلَّى الصبحَ في جماعةٍ ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلَّى ركعتيْنِ، كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ” (رواه الترمذي)، وأذكار الصباح كثيرة وجميلة، وهي بداية رائعة لليوم. 

[ أذكار الصباح والمساء ]

الخاصية التاسعة: بداية البركة! 

إن الساعات الأولى في الصباح هي أبرك ساعات اليوم، ولن يستغلها إلا من استيقظ للفجر، قال صلى الله عليه وسلم:” بُورِكَ لأُمَّتِي في بُكورِها” (رواه أبو داود والترمذي وأحمد)، إنها بركة تعم كل جوانب حياتك، فتنعم بالخير. 

*الوسائل المعينة على صلاة الفجر في وقتها:

أولا: الإخلاص: 

وهو أهم العوامل المساعدة على الاستيقاظ، فالإخلاص لله عز وجل يكون بحرصك الشديد على مرضاة الله، وأن تستعد للتضحية بأي شيء في سبيل رضاه، فإن لم تفعل فأنت لم تقدر الله حق قدره، وجعلته سبحانه أهون الناظرين إليك، فلم تهتم ولم تخلص، وهذا خطر عظيم! 

الأمر يحتاج إلى جهد ومثابرة ومصابرة مستمرة، فمن تراه يصلي أسبوعا أو شهرا ثم ينقطع، ففي إخلاصه شك. 

ثانيا: العزيمة:

لو يشعر المسلم فعلا بقيمة الفجر، وأراد بصدق أن يستيقظ، فلن يمنعه مانع، قال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} (التوبة:٤٦)، فالإرادة أولا، فمن إراد الاستيقاظ لأعد نفسه بطرق كثيرة، ولو وجد الله منه إصرارا على مخالفة، أو خورا في العزيمة، فإنه يكره قيام المسلم، بل ويثبطه.

ارفع همتك، وعظّم قدوتك، وانظر للصالحين المحافظين، واعمل لنفسك جدول محاسبة بصلاة للفجر.

ثالثا: احذر الذنوب:

صلاة الفجر هدية للطائعين التائبين، أما من أُشرب قلبه بالمعاصي فكيف سيتأثر ويسمع النداء؟ إن ضياع صلاة الفجر مصيبة، والله سبحانه يقول: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (الشورى:٣٠) ، ابحث بدقة في حياتك عن ذنوب مازلت مصرا عليها، ثم لا تستصغرن ذنبا، وتب إلى الله وأقلع عنه، واستغفر الله.

أسأل الله أن يهدينا ويتوب علينا.

رابعا: الدعاء:

وسيلة مهمة في سبيل التمسك بالأعمال الصالحة، ادعُ لنفسك يأن يمن الله عليك بصلاة الفجر، وأكثر من الدعاء وألح فيه، وتذكر أن من يوقظك بل يبعثك من نومك هو الله سبحانه، يقول تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} (الزمر:٤٢)، لذلك علمنا الرسول ذكرا عند النوم وعند اليقظة، فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: “كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ باسْمِكَ أحْيَا وأَمُوتُ، وإذَا أصْبَحَ قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا، وإلَيْهِ النُّشُورُ.” (رواه البخاري) .

[ فإني قريب | فضل الدعاء وآدابه مع أدعية من الكتاب والسنة ]

خامسا: الصحبة الصالحة:

الطاعة على الإنسان الوحيد صعبة، والشيطان على من سار بمفرده أقدر، ادع أصحابك إلى الطاعة والخير وجاهدهم وحفزهم وداوم على ذلك، فإن أبوا وأعرضوا.. فانج بنفسك وابحث عن صحبة تعينك، وتطْمَئن على دينك قبل دنياك، فإنهم نعم الزاد في طريقك إلى الله، قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (الزخرف:٦٧).

اللهم امنن علينا بالصحبة الصالحة في الدنيا، واجمعنا بأحبابنا يوم القيامة إخوانا على سرر متقابلين.

سادسا: تعلم كيف تنام:

الطريقة الصحيحة للنوم هي التي أرادها الله عز وجل منا، والتي كان ينام بها رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهي:

١- النوم مبكرا، وهي سنة إلهية ونبوية، فقد خلق الله الكون كله لينام ليلا ويستيقظ نهارا، والعلم الحديث أثبت فوائد النوم ليلا على جسم الإنسان.

رسولنا المربي العظيم كان يعلمنا النوم مبكرا؛ فكان يكره النوم قبل العشاء، ويكره الحديث بعده إلا لمصلحة ضرورية.

٢- النوم على الهيئة التي ينام بها رسولنا الكريم، وسنن النوم كثيرة، منها: نفض الفراش، النوم على طهارة، النوم على الجانب الأيمن، قول أذكار النوم وأدعيته. 

٣- أخبر الناس القريبين بنظامك الجديد، أنك تنام مبكرا وتستيقظ مبكرا، فلا زيارات ولا مواعيد بعد العشاء، وهي فرصة ليتعلموا منك ويقتدوا بك.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما يارب.

[ سنن وأذكار النوم

سابعا: لا تأكل كثيرا قبل النوم!

وهي وسيلة شرعية وصحية، والأصل ألا يأكل الإنسان كثيرا في كل وقت،  فـ “ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، بحسبِ ابنِ آدمَ أكلاتٍ يُقمنَ صُلبَهُ” (رواه الترمذي)، والأفضل ترك شرب الشاي والقهوة والغازيات ليلا، فهي تحتوي على منبه الكافيين الذي ينشط العقل ويقلق النوم. 

[ كيف كان أكل حبيبنا؟

ثامنا: مذكّرات فضائل الفجر:

وهي وسيلة لطيفة ومفيدة لمعظم المسلمين، حتى المحافظين على صلاتهم، وهي إعداد أوراق كبيرة، يكتب على كل ورقة حديثا محفزا لصلاة الصبح، ثم تضع ورقة في حجرتك وتوزعها في أماكن تراها دائما، فتزيد حماسك للقيام، فلا تفتر، وتجدد نيتك كل صباح، وتجعلك تحفظ هذه الأحاديث فتذكر بها غيرك، وتحفز أهل بيتك معك.

[ بشائر الفجر | فضائل صلاة الفجر العظيمة ]

تاسعا: الأجراس الثلاثة!

أولها: ضبط منبه الساعة والجوال، وإليك بعض النصائح:

١- اضبط المنبه على ميعاد الفجر تماما، بحيث يدق مع الأذان، فتسمع كلمات الأذان الجميلة.

٢- في البدايات لا تضع المنبه أبدا قبل وقت الأذان، لأنك غالبا ستغلق المنبه وسيوسوس لك الشيطان: سأنام وأقوم بعد خمس دقائق! وهذه الدقائق ستضيع عليك الصلاة، فانتبه.

٣- احرص على شراء منبه بصوت مزعج غير موسيقي، ولا تكتفِ بمنبه الجوال. 

٤- لو علمت ثقلا في نومك، فاشترِ أكثر من منبه، ووزعه في أماكن متفرقة، وضع بين كل منبه وآخر خمس دقائق.

٥- لا تضع المنبه بالقرب من يدك، ختى تضطر للقيام لإغلاقه، فتنشط بقيامك.

٦- غير صوت المنبه كل فترة، ويمكن أن تسجل رسالة صوتية لنفسك، وتجعلها صوت منبه الفجر في جوالك. 

ثانيها: المكالمة الهاتفية، اتفق مع عدد من أصحابك أن من يستيقظ أولا يوقظ الآخر باتصال، فتتعاونون على البر، واجعل صديقك يفتح معك حوارا قبل أن يغلق المكالمة، واجعل من مسؤوليتك أن توقظ غيرك.

ثالثها: جرس الباب، اتفق مع أحد جيرانك أن يمر عليك ويدق الجرس لإيقاظك، وأخبر أهلك بهذا حتى يتهيؤو. 

عاشرا: ادعُ غيرك! 

إذ كيف يغفل عن الخير من يذكر به! وابدأ بأهلك المقربين، وتذكر أن كل من صلى بسببك، ستأخذ مثل حسناته. 

ملخص وسائل المحافظة على صلاة الفجر:

١- أخلص لله عز وجل. 

٢- اعقد العزم وحاسب نفسك يوميا. 

٣- تب من الذنوب واعزم على عدم العودة. 

٤- أكثر من الدعاء أن يرزقك الله صلاة الفجر. 

٥- احرص على الصحبة الصالحة. 

٦- درب نفسك على النوم بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم. 

٧- لا تأكل كثيرا قبل النوم، وتجنب المنبهات. 

٨- علق مذكّرات ومحفزات صلاة الفجر في غرفتك. 

٩- استعن بالأجراس الثلاثة. 

١٠- ادع غيرك للصلاة، وابدأ بأهلك. 

والآن… 

كيف أصبحت صلاتك للفجر؟ 

[ شارك قصتك مع الصلاة: قصتي مع الصلاة ]

________________

? تلخيص وإعادة صياغة لكتاب:

كيف تحافظ على صلاة الفجر؟

للدكتور راغب السرجاني.