قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم: يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث

المحتويات:

خطبة الحرم: يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث

مقتطفات من خطبة يوم الجمعة في الحرم المكي خطب بها فضلية الشيخ د. صالح بن حميد

15 شعبان 1443

الخطبة الأولى:

  • أوصيكم بتقوى الله والمبادرة بالخيرات لأن الآفات تعرض، والموانع تمنع، والموت يأتي بغتة، والتسويف بضاعة خاسرة.
  • هذب الإسلام غريزة حب المال في النفوس، وأحاطها بسياج من الأحكام، والأخلاق والآداب في الكسب، والإنفاق والتمتع، ليكون هذا المال وسيلة لتحقيق العيش الهاني الكريم.
  • أن من قواعد ذلك وضوابطه أن المال مال الله والإنسان مستخلف فيه، فليس له فيه التصرف المطلق، بل عليه أن يتصرف فيه بمقتضى ما شرعه مالكه الحق، وأمر به وأجازه، وأحله لا فيما حرمه، ونهى عنه ومنع، ولما جعل الله المال قياماً للناس تقوم به حياتهم، وحسن معاشهم، شرط في التصرف فيه أن يكون صاحبه راشدًا.
  • من الجوانب العظيمة التي أولتها الشريعة عنايتها واهتمامها باب الحلال والحرام من: طعام وشراب ولباس وزينة، وتطبب ودواء، فشرع أن يكون كل ذلك حلالاً طيباً في الكسب والانفاق، والإستعمال بما يضمن حياة طيبة في الدنيا وسعادة أبدية في الآخرة.
  • لماذا كل هذا يا عباد الله؟!
    لأن من الثابت المتقرر أن سلوك الإنسان وأخلاقه يتأثران بما يدخل في جوفه، وبما يخالط بدنه تأثراً كبيرأً ظاهراً.
  • إن طيب المطعم والمشرب والملبس والزينة والدواء له أثر عظيم في تزكية النفس، وصفاء القلب وقوة البصيرة، بل إن قبول العبادة وإجابة الدعاء مرتبط بأكل الحلال الطيب.
  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أيها الناس : إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعثَ، أغبرَ، يمد يديه إلى السماء: ياربُّ، ياربُّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له ).
  • من عجائب عناية هذه الشريعة المطهرة ودقائق تحريها الحلال في غذاء المسلم وطعامه وما يدخل إلى جوفه، أن ما أحل له من الحيوان أعتنى بكيفية ذبحة وطريقة تذكيته فاشترط لذلك شروطاً وسن سنناً وآداباً ، من أهلية الذابح وكيفية الذبح و من أنهار الدم وقطع الحلق والمريء والودجين بآلة حادة والإحسان في الذبح ، والإحسان الى الذبيحة وحرم الميتة بكل أنواعها ، إلا ما كان بحال الاضطرار من غير باغ ولا عاد وغير ذلك من الأحكام من أجل أن يخلص للمسلم ما يدخل إلى جوفه.
  • في هذا العصر وما فيه من تقدم محمود ومنافع سخرها الله ويسرها في صناعة الغذاء والدواء ومستحضرات التجميل وما أحدثته التقنية من تطور هائل، يستدعي مزيدًا من التحري في تحصيل الحلال الطيب.
  • إن اللقمة الحلال تدفع النقم، وتصرف البلاء عن الأنفس، والأموال والأولاد والأعمال والديار.
  • خمس خصال بها تمام العمل :الإيمان بالله ومعرفة الحق وإخلاص العمل والعمل على السنة وأكل الحلال، فإن فقدت واحدة لم يرتفع العمل، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل حلالاً لم ينتفع .
  • “لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يُسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ، وعن عمله ماذا عمل به “. رواه ابن ماجه في سننه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه بسند صحيح .

الخطبة الثانية:

  • أيها المسلمون من فضل الله على عباده أن دائرة الحرام ضيقة، فالأصل في المطعومات والمعاملات وكل المنافع وطرق الكسب هو الحل، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في حكمة بالغة: (واعلم أن الأصل في جميع الأعيان الموجودة على اختلاف أصنافها وتباين أوصافها أن تكون حلالاً مطلقاً للآدميين، وأن تكون طاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ولا معاشرتها، وهذه كلمة جامعة ومقالة عامة وقضية فاضلة عظيمة المنفعة واسعة البركة يفزع إليها حملة الشريعة فيما لا يحصى من الأعمال وحوادث الناس)، انتهى كلامه رحمه الله.
  • ولكن الإنسان بتقصيره وطمعه لم تسعه دائرة الحلال الواسعة فترات يدخل دائرة الحرام بأكل الحرام من الرشوة والاختلاف والتكسب بوسائل حرام من البيوع الفاسدة واللهو المحرم.
  • يا عبدالله الحياة قصيرة والزمن سريع الزوال، فلا تطلب الرزق بمعصية الله، وما أدى إلى الحرام فهو حرام، بأكل الحرم تنزع البركات، وتكثر الأمراض والعاهات، وتحل الكوارث والأزمات، ويفشو الظالم والشحناء.
  • أيها المسلمون إذا كان ذلك كذلك فتأملوا الربط الدقيق بين أكل الخلال الطيب وتحقيق الأمن والعيش الكريم، تأملوا قوله تعالى: { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا قَرۡیَةࣰ كَانَتۡ ءَامِنَةࣰ مُّطۡمَىِٕنَّةࣰ یَأۡتِیهَا رِزۡقُهَا رَغَدࣰا مِّن كُلِّ مَكَانࣲ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَ ٰ⁠قَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدۡ جَاۤءَهُمۡ رَسُولࣱ مِّنۡهُمۡ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَهُمۡ ظَـٰلِمُونَ (١١٣) فَكُلُوا۟ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَـٰلࣰا طَیِّبࣰا وَٱشۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ إِیَّاهُ تَعۡبُدُونَ (١١٤) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحۡمَ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦۖ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَیۡرَ بَاغࣲ وَلَا عَادࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ (١١٥) } [سُورَةُ النَّحۡلِ: ١١٢-١١٥] ، يقال ذلك عباد الله تذكيراً بما تعيشه بلادنا بلاد الحرمين الشريفين من أمن ورغد عيش واجتماع كلمة والتفاف حول القيادة الرشيدة، بلادنا هي العزيزة بمقدساتها، القرية يقيمها ورجالها، العالية بقدرها ومنجزاتها، الآمنة بحفظ الله ثم بيقظة ولاة أمرها.
  • اتقوا الله عباد الله واشكروه على ما أولاكم من نعم، على اجتماع الكلمة وبسط الأمن والعيش الكريم والالتفاف حول ولاة الأمر، وتعاونوا على البر والتقوى، فأنتم في عزة وقوة وتمكين، وخاب المخذلون والمرجفون، وخسر الكائدون والمبطلون.

من منتجاتنا

No data was found