قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم | معرفة الله وتعظيمه

المحتويات:

خطبة الحرم | معرفة الله وتعظيمه

مقتطفات من خطبة الجمعة في الحرم المكي ٢٦/١٠/١٤٤٣ للشيخ: فيصل بن جميل غزاوي

الخطبة الأولى:

  • تعظيم الله عزوجل من أجل العبادات القلبية، وهو الذي يتعين ترسيخه في القلوب وكلما كانت المعرفة بالله أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر ، قال تعالى ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].
    وقد ذم الله سبحانه الذين لم يوقروه حق توقيره فقال عز من قائل: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ … ﴾ [الزمر: 67]
  • عباد الله من أخطر ما يفتك بقلب العبد ويورده المهالك أن يعتقد الإنسان في ذات الله تعالى أو صفاته أو أفعاله خلاف الحق ، قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام وهو يخاطب الذين اتخذوا الأصنام آلهه ﴿ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 87].
    أي أن اعتقادكم في جانب رب العالمين باطل وجهل منكر وقد يكون العبد ممن يسئ الظن بربه وهو لا يشعر !
  • قال ابن القيم رحمه الله:
    ” فأكثر الخلق، بل كلهم إلا مَن شاء الله يظنون باللهِ غيرَ الحقِّ ظنَّ السَّوْءِ، فإن غالبَ بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق، ناقصُ الحظ وأنه يستحق فوقَ ما أعطاهُ اللهُ، ولِسان حاله يقول: ظلمني ربِّي، ومنعني ما أستحقُه، ونفسُه تشهدُ عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره
    ولا يتجاسرُ على التصريح به، ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده تعتباً على القدر وملامةً له واقتراحاً عليه خلاف ما جرى به وأنه ينبغي أن يكون كذا وكذا فمستقل ومستكثر !
    وفتش نفسك هل أنت سالمٌ من ذلك ؟
    انتهى كلامه رحمه الله .
  • ومن صور هذه المسألة أيها الأخوة التسخط والاعتراض على الأقدار فهي من أخطر أمراض القلوب ومن مظاهر ذلك قول أحدهم إذا أصيب بمصيبة: ماذا فعلتُ يا ربِ !
    أو “أنا لا استحق ذلك” أو عندما يرى عند أحد نعمة فيحسده عليها قائلاً: “لماذا فلان عنده كذا وكذا و أنا ما عندي شيء” وكذلك ما يقوله بعضهم إذا أصيب احدهم بمصيبة: “فلان مسكين لا يستحق ما جرى له أو لا يستاهل هذه العقوبة” فمثل هذه الأقوال المنكرة مما يكثر على الألسنة وذلك من الاعتراض على قضاء الله وقدره ومن الجهل بحكمته سبحانه.
    فلا يجوز إطلاقها قولها ولا أن نتكلم بكلمة تسخط ربنا وتحبط عملنا بل علينا أن نرضى ونسلم لأمر الله وحكمه وتدبيره ونحسن الظن به.

الخطبة الثانية :

  • يا أيها المسلمون عند التأمل في سر إحسان السلف وكثرة عبادتهم لربهم، وجهادهم أنفسهم في ذات الله وتضحيتهم من أجله، وبذلهم للغالي والنفيس في سبيله، نجد أن سبب ذلك هو قوة معرفتهم بالله، وتعظيمهم له حق التعظيم، فلو عرفنا الله حق معرفته لتغيرت أحوالنا ولحسنت فعالنا، لكن لما عظم الجهل بالله من قبل كثير منا، قل خوفنا منه وضعف رجاؤنا فيه، وجعلناه أهون الناظرين إلينا فلا غرابة حينئذ من تعدي حدود الله والاستهانة بمعاصيه وعقوباته، والجرأة على ارتكاب الكبائر وانتهاك الحرمات.
  • عباد الله وعندما لا يعرف العبد ربه حقا، ولا يستشعر عظمة الخالق، يبعد عن منهجه ويتقاعس عن عبادته، ويتكاسل عن طاعته ويترك أوامره، ويرتكب معاصيه، هذا لأن القلوب ماعرفت الله حق معرفته، وهل يعقل أن يجترح المرء السيئات، أو أن يقع في الفواحش والموبقات وهو يعرف ربه معرفة يقينية ويعلم أن الرب جل جلاله يراه ويسمعه، ويطلع على جميع أحواله ويعلم جميع أسراره ولا يغيب عن أمره منه شيء؟! فكيف يمكن أن يعصيه إذا كان يعرفه بهذه المعرفة، بل هذا المستخف بالمعاصي جاهل بمقام الله وقدره، وبنظر الله ومراقبته، قد اغتر بحلم الله ونسي أن ابليس كان في الجنة مع الملائكة المقربين، وبمعصية واحدة وقعت منه أصبح شيطاناً رجيماً، استحق لعنة الأبد وعذاب الخلد، كما نسي هذا المستخف بالمعاصي أن آدم عليه السلام الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه، واسجد له ملائكته، بذنب واحد أُخرج من الجنة ونعيمها، ولولا أن تاب الله عليه لكان من الهالكين.
  • عباد الله من الواجب علينا إحياء عظمة الله في قلوبنا بأن نتعرف عليه حق المعرفة وسبيل ذلك أن نتدبر القرآن الكريم ونكثر من تلاوته ونتمعن في آياته ونقف عند معانيه ونتفاعل معه تفاعلاً حقيقياً بكل مشاعرنا فتؤثر مشاعره في نفوسنا، ونتعرف من خلال ذلك على ربنا، وكذلك نتعرف عليه بالنظر إلى مخلوقاته في هذا الكون، كما نتعرف عليه سبحانه بالنظر إلى أنفسنا.

من منتجاتنا

No data was found