قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم | خذ العفو

المحتويات:

خطبة الحرم | خذ العفو

مقتطفات من خطبة يوم الجمعة في الحرم المكي ١٧ ربيع الآخر ١٤٤٤

عن: الأخذ بالعفو والأمر بالعرف والإعراض عن الجاهلين

الخطبة الاولى:

  • إن من منن الله الرؤوف بعباده اللطيف بهم المتودد إليهم بأنواع النعم أن يأمرهم بكل خير تسعد به نفوسهم…
  • إن من أعظم ذلك نفعاً وأقواه وأبقاه أثراً ثلاث أوامر ربانية اشتملت عليها آية في كتاب الله جمعت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات كافة حتى لم تبق حسنة إلا حوتها! ولا فضيلة إلا أرشدت إليها ولا مكرمة إلا أتت عليها ونبهت إليها.
    وذلك في قوله عز اسمه مخاطباً أشرف خلقه وأكرم رسله صلوات الله وسلامه عليه ﴿خُذِ العَفوَ وَأمُر بِالعُرفِ وَأَعرِض عَنِ الجاهِلينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩].
  • فابتدأ سبحانه بأمره أن يأخذ بأخلاق الناس وأعمالهم ما سهل عليهم قوله، وخف وتيسر عليهم فعله، وما سمحت به نفوسهم، وبلغته طاقتهم، من غير تضييق ولا استقصاء بطلب الأكمل الأتم، وبالبحث في البواطن رفعاً للحرج، ودفعاً للعنت.
  • ثم الأمر بالعرف، وهو كل معروف تعرفه العقول السليمة، وتقر بحسنه ونفعه، وأعلاه توحيد الله تعالى، وكل ما أمر به سبحانه من الإعمال أو ندب إليه، -كما رجح ابن جرير رحمه الله-، ومنه صلة من قطع، وإعطاء من حرم، والعفو عمن ظلم.
  • ولما كان أذى الجاهلين أمراً محتوماً لابد منه، ولا سبيل إلى منعه، جاء الأمر الثالث بالإعراض عن الجاهلين، فلا يقابل جهلهم بمثله، انتقاماً لنفسه، وشفاء لغيظه، بل يصبر على أذاهم، ويحلم عنهم، وتلك هي الحال الحسنى، والطريقة المثلى، التي كان عليها نبي الرحمة والهدى، صلوات الله وسلامه عليه، مع أوليائه وأعدائه، استجابة منه لأمر الله.
  • وأمره عز وجل في دفع عدوه من شياطين الإنس، بأن يدفع بالتي هي أحسن، فيقابل إساءة من أساء إليه بالإحسان، وجهله بالحلم، وظلمه بالعفو، وقطيعته بالصلة، وأخبره أنه إن فعل ذلك عاد عدوه كأنه ولي حميم، وأمره في دفعه عدوه من شياطين الجن بالاستعاذة بالله منهم.
  • وجمع له هذين الأمرين في ثلاثة مواضع من القرآن، فقال سبحانه:

﴿ خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ * وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ (الأعراف: ١٩٨-١٩٩)

  • فأمر سبحانه نبيه صلى اللهُ عليه وسلم باتقاء شر الجاهلين بالإعراض عنهم وباتقاء شر الشيطان بالاستعاذة منه وجمع له في هذه الآية مكارم الأخلاق والشيم كلها.
  • والمطاع له مع الناس ثلاثة أحوال: فإنه لا بد له من حق عليهم يلزمهم القيام به، وأمر يأمرهم به، ولابد من تفريط وعدوان يقع منهم في حقه، فأمر أن يأخذ من الحق الذي عليهم ما طوعت به أنفسهم، وسمحت به، وسهل عليهم ولم يشق، وهو العفو الذي لا يلحقهم ببذله ضرر ولا مشقة، وأمر أن يأمرهم بالعرف، وإذا أمر به يأمر بالمعروف أيضا، لا بالعنف والغلظة، وأمره أن يقابل جهل الجاهلين منهم بالإعراض عنه دون أن يقابله بمثله، فبذلك يكتفي شرهم.

الخطبة الثانية:

  • إن لكم في الاستجابة لأوامر الله بأخذ العفو والأمر بالعرف والإعراض عن الجاهلين أحسن ما تعتدونه لنيل كل خير ودفع كل شر، والسعادة في الدنيا، والفوز والفلاح والرفعة في الآخرة.

من منتجاتنا

No data was found