مقطفات من خطبة الحرم
24 رجب 1443
موضوع الخطبة:
تناولت الخطبة الأولى تذكيرا بمعجزة الإسراء والمعراج ، ثم في الخطبة الثانية عرج الشيخ عن فضيلة شهر شعبان الذي سيدخل علينا خلال الأيام القليلة القادمة وأهميته في الاستعداد لرمضان
الخطيب: فضيلة الشيخ: د.عبدالله بن عواد الجهني
الخطبة الاولى
- أوصيكم بتقوى الله تعالى حق تقاته، والمسارعة إلى طلب مغفرته ومرضاته قبل انصرام العمر وفوات أوقاته وساعاته.
- ينبغي للمؤمن أن يتأمل في آيات الله الدالة على كمال قدرته، ليعظمه حق تعظيمه، ويقدره حق قدره، فقدرته سبحانه لا تدركها عقول البشر ولا تقاس بقدرة الناس وطاقاتهم ، ومن ذلك واقعة الإسراء والمعراج فقد كانت قدرة إليهة وحكمة ربانية خارجة عن إدراك البشر وطاقاتهم اختارها اللطيف الخبير القادر على كل شيء .
- اشتملت على فوائد وتشريعات وحكم وأسرار تتصل بالإيمان وعقيدة التوحيد يجب أن تكون محل اهتمام المسلم، وأن يعمل بها في كل وقت.
- الإسراء والمعراج ثابتان بالكتاب والسنة.
- أهل الحديث رووها في كتبهم عن عشرين صحابياً، ومنها ما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به، وجاء فيه: أنه أتي بالبراق وهو دابة دون البغل وفوق الحمار، يضع حافره عند أقصى طرفه، فركبه حتى أتى بيت المقدس ، فصلى فيه ركعتين، وجاءه جبريل عليه السلام بإناء فيه خمر وإناء فيه لبن، فاختار اللبن فقال جبريل: اخترت الفطرة.!
ثم عرج به إلى السموات فكلما مر بسماء رحب به مقربوها ورأى الأنبياء في السموات، ورأى عن يمين آدم أسودة، وعن شماله أسودة، فإذا نظر الى يمينه ضحك وإذا نظر إلى شماله بكى، فقال جبريل:هذا آدم وهؤلاء نسم ذريته، فأهل الجنه عن يمينه وأهل النار على شماله، ورأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايعودون إليه، ثم رفع رأسه إلى سدرة المنتهى ورأى مايغشاها، ورفع منزلة حتى سمع صريف الأقلام تكتب بأمر الله ماشاء من الأقدار ،وفرضت عليه الصلوات: خمسين صلاة في كل يوم وليلة ،وحيي من الله دون واسطة الملك، فما زال يراجع ربه ويسأله التخفيف حتى جعلت خمس صلوات، وهي تعدل خمسين صلاة في الأجر والثواب، وأُعطي معها خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته شيئاً ثم أدخل الجنة ورأى فيها كثبان اللؤلؤ والمسك، ثم عاد إلى الأرض وصلى بالأنبياء في المسجد الأقصى.
الخطبة الثانية:
- الأيام مطايا تأخذنا من حال إلى حال، وتباعدنا من دار الممر إلى دار المستقر، والسعيد من أخذ من دنياه لآخرته، فبعد أيام قلائل سوف يهل علينا شهر شعبان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في شعبان ما لا يصوم في غيره من الشهور، ذلك أنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله، فكان عليه الصلاة والسلام يحب أن يرفع عمله وهو صائم، كما كان عليه الصلاة والسلام يواظب على صوم الاثنين والخميس لذات السبب.
- وقد تحدث العلماء كثيراً عن فضل شعبان والصوم فيه، ذكر الحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه لطائف المعارف الكثير من الحكم من صوم شعبان، وأضاف أنه في شهر شعبان معنى آخر ذلك أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل المسلم في صوم رمضان على مشقة وكلفة بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
- كما أن شعبان كالمقدمة لرمضان، شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، ليحصل التأهب لرمضان وتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، فكان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرأوها، واخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان.
- وكان يقال شعبان شهر القراء، فقد كان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء.
- ومن كان عليه قضاء من رمضان الماضي فليبادر إلى قضائه قبل أن يدخل عليه شهر رمضان، وأما من فرط فأخر القضاء بعد تمكنه منه حتى دخل عليه رمضان آخر فإنه آثم، وعليه مع القضاء فدية وكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم أخره، وبهذا قال أكثر الفقهاء وصحت الفتوى عن جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
- فاتقوا الله حق التقوى وخذوا من دنياكم لآخرتكم، ومن صحتكم لمرضكم، ومن فراغكم لشغلكم، ومن غناكم لفقركم، ومن أمنكم لخوفكم، ومن محياكم لمماتكم، ومن عزكم لذلكم، فإن الأمور لا تدوم على وتيرة واحدة، فكثيراً ما تتغير الأحوال لضدها، واسألوه العون والتوفيق والسداد.