قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم: بر الوالدين

المحتويات:

خطبة الحرم: بر الوالدين

مقتطفات من خطبة يوم الجمعة في الحرم المكي
خطب بها فضلية الشيخ د. سعود بن ابرهيم الشريم

١٣ جمادى الأولى ١٤٤٣

موضوع الخطبة: بر الوالدين

الخطبة الأولى:

  • الأبوان عباد الله هما من يبكيان ليبتسم أولادهما وهما من يحزنان ليفرح أولادهما وهما من يشقيا ليسعد أولادهما إنهما اللذان يجوعان لكي يشبعوا ويعطشان ليرتوا.
  • إنه قلب الأم والله جل وعلا يقول: ﴿ وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًاۖ ﴾ وإنها عين الأب والله جل شأنه يقول: ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ﴾إنها غاية المشاعر الجياشة والعواطف النابضة أن يفرغ قلب الأم وتبيض عين الأب لأجل أولادهما.
  • ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً﴾
  • فيا لله ما أسعد من مات عنه أبواه أو هو مات عنهما وهما عنه راضيان، لله ما أسعده وما أهنئه.
    عن إياس ابن معاوية أنه لما ماتت امه بكى عليها بكاء شديدا فلما سُأل قال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة فأغلق أحدهما.
  • ثم يالله ما أخيب من مات عنهما وهما عنه غاضبان، ألا ما أظله وما أخسره ، بعدا له وسحقا فإن الله قرن الإحسان لهما بعبادته ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً
  • وقرن شكرهما مع شكره فقال :﴿ان اشكر لي ولوالديك الي مصير﴾
  • بل إن الله جل وعلا جعل بر الوالدين من أسباب قبول العمل والتجاوز عن السيئات ، ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
  • وقد قال الفاروق رضي الله عنه لأويس القرني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر ..الحديث.. إلى أن قال: “له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل”. رواه مسلم
  • إن القلب إذا لامس شغافه بر الوالدين كان له حصن منيع من الكبر والغلظة والعقوق والنكران فإن البر طبع متين طارد لخصال السوء. فما رأى الناس باراً خبيث الطبع ولا رأووا خبيثاً باراً.
  • ولا عجب عباد الله فإن الله جل شأنه جعل الشقاء والجبروت مضادين للبر بالوالدين كما في قوله عن يحيى عليه السلام ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾وكما في قوله عن عيسى عليه السلام﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾.
  • وإنما البر في الحقيقة دين ودين، فهو سباق ديني أخروي يتلذذ به البار ليفضي به إلى باب من أبواب الجنة، وكذلك هو وفاء دين دنيوي يقضي به المرء ما في ذمته لوالديه من معروف، وإنه مهما قضى من ذلكم المعروف فلن يوفيهما حقهما بالغاً ما بلغ من الجهد والبر .
  • قد رأى عبدالله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رجلا من أهل اليمن حمل أمه إلى عنقه فجعل يطوف بها حول البيت وهو يقول:
    إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّل إِنْ أُذْعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرْ
    حَمَلْتُهَا أَكْثَرَ مِمَّا حَمَلَتْ فَهَلْ تُرَى جَازَيْتُهَا يَا ابْنَ عُمَرْ؟
    قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «لَا، وَلَا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ» يقصد زفرات الولادة .
  • لقد ضرب لنا سلفنا الصالح أروع الأمثلة في البر بالوالدين حتى إن أحدنا ليحقر بره عند برهم.
  • ماجاء عن أسامة ابن زيد كانت النخلة تبلغ بالمدينة ألفا فعمد أسامة بن زيد إلى نخلة فقطعها من أجل جمارها فقيل له في ذلك فقال إن أمي اشتهته علي وليس شيء في الدنيا تطلبه أمي أقدر عليه إلا فعلته.
  • وكان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أُمِّه فقال : السلام عليك يا أُمَّتاه ورحمة الله وبركاته .﴾
  • بل إن الله جل وعلا جعل بر الوالدين من أسباب قبول العمل والتجاوز عن السيئات ، ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾
  • وقد قال الفاروق رضي الله عنه لأويس القرني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر ..الحديث.. إلى أن قال: “له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل”. رواه مسلم
  • إن القلب اذا لامس شغافه بر الوالدين كان له حصن منيع من الكبر والغلظة والعقوق والنكران فإن البر طبع متين طارد لخصال السوء. فما رأى الناس باراً خبيث الطبع ولا رأووا خبيثاً باراً.
  • ولا عجب عباد الله فإن الله جل شأنه جعل الشقاء والجبروت مضادين للبر بالوالدين كما في قوله عن يحيى عليه السلام ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾وكما في قوله عن عيسى عليه السلام﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾.
  • وإنما البر في الحقيقة دين ودين، فهو سباق ديني أخروي يتلذذ به البار ليفضي به إلى باب من أبواب الجنة، وكذلك هو وفاء دين دنيوي يقضي به المرء ما في ذمته لوالديه من معروف، وإنه مهما قضى من ذلكم المعروف فلن يوفيهما حقهما بالغاً ما بلغ من الجهد والبر .
  • قد رأى عبدالله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رجلا من أهل اليمن حمل أمه إلى عنقه فجعل يطوف بها حول البيت وهو يقول
    إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّلْ
    إِنْ أُذْعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أُذْعَرْ
    حَمَلْتُهَا أَكْثَرَ مِمَّا حَمَلَتْ
    فَهَلْ تُرَى جَازَيْتُهَا يَا ابْنَ عُمَرْ؟
    قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «لَا، وَلَا بِزَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ» يقصد زفرات الولادة .
  • لقد ضرب لنا سلفنا الصالح أروع الأمثلة في البر بالوالدين حتى إن أحدنا ليحقر بره عند برهم.
  • ما جاء عن أسامة ابن زيد كانت النخلة تبلغ بالمدينة ألفا فعمد أسامة بن زيد إلى نخلة فقطعها من أجل جمارها فقيل له في ذلك فقال إن أمي اشتهته علي وليس شيء في الدنيا تطلبه أمي أقدر عليه إلا فعلته.
  • وكان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أُمِّه فقال : السلام عليك يا أُمَّتاه ورحمة الله وبركاته .
    فتقول : وعليك السلام يا بُنَيَّ ورحمة الله وبركاته .
    فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرًا .
    فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيرًا .
  • إذا كانت تلكم أمثلة سطرها سلفنا الصالح، في برهم لوالديهم فتمت خلقٌ في أعقاب الزمن قد سطروا أسوء الأمثلة وأقبحها في عقوق الوالدين من خلال هجرانهما او التأفف منهما أو تقديم الأزواج والأصحاب عليهما .
    ناهيكم عن إهمالهما واعتبارهما عبئأ ثقيلاً عاقبته الزج بهما في المصحات ودور الرعاية.
    عافانا الله وNياكم .
  • أما يعلم العاق أنه بعقوقه هذا يعد مصراً على كبيرة من كبائر الذنوب، التي قال عنها النبي ﷺ: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، يعني قالها ثلاث مرات، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور.
  • والجزاء من جنس العمل ، وكما يدين المرء يدان .
    ولا كفارة للعقوق بعد التوبة إلا البر.

الخطبة الثانية:

  • اتقوا الله عباد الله واعملوا أن للثمر بذراً، وللبذر سقاية، فكذلكم البر له بذر وله سقاية، فحريٌّ بالوالدين أن يحسنوا تربية الأبناء وينشئانهم نشئاً صالحاً، وإنما يكون الجذاذ يوم الحصاد، فعند الجذاذ يتبين حلو الثمار من مرها، ومن أحسن غراسه حَسُنَ قطافه، قال تعالى: {وَٱلۡبَلَدُ ٱلطَّیِّبُ یَخۡرُجُ نَبَاتُهُۥ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَٱلَّذِی خَبُثَ لَا یَخۡرُجُ إِلَّا نَكِدࣰاۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ نُصَرِّفُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَشۡكُرُونَ} [سورة الأعراف 58]، ثم اعلم أيها الأب واعلمي أيتها الأم ان بر الوالدين نتيجة لمقدمة سابقة من التربية الصالحة والعاطفة الحميدة والبذل الحسن، فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ليكونوا لكم في البر سواء.
  • دخل الأحنف بن قيس على معاوية بن أبي سفيان ويزيد ابنه بين يديه، فقال معاوية سائلاً الأحنف: يا أبا بحر ما تقول في الولد؟ فقال الاحنف: يا أمير المؤمنين هم عماد ظهورنا وثمر قلوبنا وقرة عيوننا، بهم نصول على أعدائنا وهم الخلف منا لمن بعدنا، فكن لهم أرضاً ذليلة وسماءً ظليلة، إن سألوك فأعطهم، وإن استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك فيملوا قربك ويكرهوا حياتك ويستبطئوا وفاتك، فقال معاوية: لله درك يا أبا بحر، هم كما وصفت.
  • ثم احذروا أيها الأولاد أشد الحذر من أن يدعو عليكم الأب أو الأم فإنه لا يدعو احد منهما على ولده إلا لعقوق عظيم شأنه منه بعد أن حمله صغيراً وأطعمه جائعاً وكفكف دمعه باكياً، فلما شبَّ عن الطوق ورأى انه قد استغنى بعقله وقواه، سل سيف عقوقه من غمده، وانتزع سهم نكرانه إلى قوسه، فلمثل ذلكم تخرج الدعوات الصادقات، فويل لمن دعا عليه أبواه، ويل له ثم ويل له، فإن الدعوات لا ينطقها إلا لسان أم أو أب سحقهما الإحساس بعقوق ولدهما سحقاً، وشَرِقا بمرارة جحوده شرقاً، ولا تسألوا حينئذ عن نفس منكسرة ومرارة تذكي تلكم الدعوات ولا عجب، فهي دعوة مكلوم طَمِنَ أن يستجاب لها، كما نقل بعض أهل العلم عن أحد السالفين في زمن عبدالملك بن مروان يدعو على ولده العاق قائلاً:
    تغمد حقي ظالماً ولوى يدي
    لوى يده الله الذي هو غالبه
    واني داعٍ دعوة لو دعوتها
    على جبل الريان لانهد جانبه
    أيظلمني مالي ويحنث ألوتي
    فسوف يلاقي ربه فيحاسبه

فابتلى الله هذا الابن العاق بابن أعق منه نسأل الله لنا ولكم العفو والعافية.

  • اتقوا الله أيها الأولاد وإياكم واحتقار كلمة “أف” فهمي وإن كانت من أقل الكلمات حروفاً وأوهنها نطقاً، إلا أنها من أبينها جرماً وأوجزها عقوقاً، واعلموا كذلكم أنه من أتقى والداه ردود أفعاله فهو عاق دون ريب، وأنه كما قال عروة بن الزبير: ما بر والديه من أَحَدَّ النظر اليهما، ثم فلتتق الله أيتها الزوجة وأنت أيها الزوج وليكن كل واحد منكم عوناً للآخر على بر والديه، فبئست زوجات الأبناء وبئس أزواج البنات إذا كانوا عقبة كؤوداً في طريق بر الوالدين، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰ⁠نِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ} [سورة المائدة 2]

من منتجاتنا

No data was found