قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم: الفطرة السوية

المحتويات:

خطبة الحرم: الفطرة السوية

مقتطفات من خطبة الجمعة في الحرم المكي
خطب بها فضلية الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي

٣٠ ربيع أول ١٤٤٣

موضوع الخطبة: الفطرة السوية

الخطبة الأولى:

  • الدين الإسلامي دين الفطرة السليمة فخالق الفطرة جل في علاه هو الذي أنزل الدين القويم وشرعه وارتضاه ولم يقبل من أحد ديناً سواه ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

  • عباد الله وعلى الرغم من اختلاف البشر في مللهم ومشاربهم وأجناسهم فانهم لايزالون متفقين على المحافظة على انسانيتهم ليستمر بقائهم وتنتظم حياتهم وهذه الخلقة التي خلق الله الناس عليها تأبى الشهوات الشاذة بحكم فطرتها وهذا في غالب الناس .

  • عن حذيفة ابن اليمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” تُعْرَضُ الفِتَنُ علَى القُلُوبِ كالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْداءُ، وأَيُّ قَلْبٍ أنْكَرَها، نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضاءُ، حتَّى تَصِيرَ علَى قَلْبَيْنِ، علَى أبْيَضَ مِثْلِ الصَّفا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دامَتِ السَّمَواتُ والأرْضُ، والآخَرُ أسْوَدُ مُرْبادًّا كالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إلَّا ما أُشْرِبَ مِن هَواهُ.”

  • عباد الله توحيد الله وعدم الاشراك به هو مقتضى الفطرة التي فطرت عليها البشرية كلها ، فقد ولد الناس حنفاء على فطرة الإسلام قال عليه الصلاة والسلام “ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ”
    وجاء في الحديث القدسي “إني خلقتُ عبادي حنفاءَ فاجتالتْهم الشياطينُ”.

  • عندما تنتكس الفطرة فمن الناس من يكابر فطرته ويغالب عقله ويناقض البديهيات فينكر وجود الله تعالى وينفي أن يكون لهذا الكون خالق مدبر ، مع أن كل ما في الكون والافاق دلائل على وجوده وربوبيته وشواهد على وحدانية وقدرته.

  • عند الشدائد والأهوال تستيقظ فطرة الإنسان فيفرد ربه بالألوهية كما قال تعالى ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾.
  • أيها الاخوة لقد جبل الله الذكر والانثى بخلقه وطباع وخصائص يتمايز بها كل منهما عن الاخر قال تعالى:﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾
    وهذه خلقة الله لا تبديل لخلقته وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.

  • ومن حكمة الله البالغة أن خلق الزوجين الذكر والأنثى وفطر كل منهما على الميل إلى الآخر .

  • النكاح في الإسلام هو اقتران بين ذكر وأنثى وهو فطرة وحالة إنسانية يعطي لكل واح من الزوجين حق الاستمتاع بالآخر على الوجه المشروع .

  • عندما تنتكس الفطرة فمن الشباب مع استطاعته الزواج فإنه يعزف عنه بحجة انه ارتباط و مسؤولية وله تبعات وكذلك من الفتيات من ترفض الزواج ولا ترغب فيه معتقدةً أنه كبت للحرية وتحكم في المرأة .

  • وقد يعمد من يختار العزوبة من الفتيان والفتيات هداهم الله إلى علاقات محرمة لإشباع نزوتهم و تحقيق مطامحهم .

  • عندما تنتكس الفطرة كذلك ترتكب الكبائر و تستاغ الرذائل والمناكر كعمل قوم لوط والسحاق وما يعرف بتبادل الزوجات وكذلك ما يطلق عليه زورا وبهتانا بزواج المثليين وماهو بزواج بل شذوذ ومسخ للفطرة الإلهية السوية وتغيير للجبلة الإنسانية ومخالفة للغريزة التي وضعها الله في مخلوقاته .

  • وهكذا متى انتكست فطرة المرئ عاش حياة هابطة رخيصة لايبالي بما صار إليه حاله ، من الخسة والانحطاط الخلقي ومما أُبتليت به مجتمعات المسلمين مؤخرا قيام بعض النساء هداهن الله بمخالعة ازواجهم لغير سبب شرعي أو لأتفه الأسباب بحجة أن تصبح المختلعة حرة غير مقيدة وقد يسول لها الشيطان بعد مخالعة زوجها إقامة علاقة محرمة مذمومة، تأثرا بشبهات وأفكار مسمومة تتجرع من جرائها الويلات و تجني من ورائها الحسرات .

  • عندما تنتكس الفطرة يضيع الرجل مسؤوليته فلا ولاية ولا قوامه ويهمل رعيته ، ولا يغار عليهم بل يرى المنكر في اهل بيته فلا يتمعر وجهه.

  • جاء في الحديث ” ثلاثةٌ قد حرَّم اللهُ عليهمُ الجنةَ : مُدمنُ الخمرِ، والعاقُّ، والديُّوثُ الذي يُقرُّ في أهلهِ الخبَثَ”

  • إن مما فطرت عليه النفس السوية و جبلت عليه الطباع المرضية الانفة من الزنا واستهجان فعله ولذلك لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الشاب الذي طلب الإذن في الزنا قائلا له أتحبه لأمك ؟ أتحبه لأبنتك؟ أتحبه لأختك ؟ كان الشاب يقول في كل واحدة لا جعلني الله فداك وهو صلى الله عليه وسلم يؤكد له أن الناس لايحبونه لا لقريب ولا بعيد .

  • لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء وأخذ الميثاق عليهن ألا يزنين قالت هند بنت عتبة يارسول الله أوتزني الحرة؟ أي ايعقل أن تزني المرأة الحرة العفيفة وهي تعلم أنه فاحشة ومنكر!

  • ولكن عندما تنتكس الفطرة بعض النساء قد اضاعت عفتها وباعت عرضها ودنست شرفها فلا مراعاة لفضيلة ولا امتناع عن مقارفة الرذيلة .

الخطبة الثانية:

  • يا أيها المسلمون الفطرة السوية عندما تسلم من العوارض المؤثرة تعرف الحق وتتجه للخير وتستقيم لربها،، جاء في الحديث في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي بقدحين : قدح لبن، وقدح خمر، فنظر إليهما فأخذ اللبن، فقال جبريل: الحمدلله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك، قال النووي – رحمه الله – : اخترت علامة الإسلام والاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهلاً طيباً طاهراً سائغاً للشاربين سليم العاقبة، وأما الخمر فإنها أم الخبائث، وجالبة لأنواع من الشر في الحال والمآل.

  • وعلى قدر عمل الإنسان بهذا الدين والالتزام به والاستقامة عليه تصح الفطرة وتُصرف عنها المفسدات، وقد أدرك أعداء الدين أن المجتمع المسلم قد فُطِر على أخلاق الإسلام ولن ينحرف عن تعاليم الدين ويسلك طريق الغواية إلا إذا تشوهت الفطرة في قلوب أبنائه، ومتى ما انحرفت السجية فلا واق من انحراف السلوك، وسوء الأفعال، وفساد الأفكار.

  • معاشر المسلمين ما أكثر الداعين إلى التمرد على الفطرة، ومن أولئك من يقوم بترويج ما يدعو إلى تبديل الفطرة وانتكاسها عبر وسائل التواصل الحديثة وغيرها، فإذا أردنا أن تستقيم حياتنا وننعم بالسعادة، فلابد أن نثبت على فطرتنا السوية التى فطرنا الله عليها ونحذر من انتكاستها، ونتمسك بهدي ربنا ومنهجه القويم، ولا نعرض عنه فالاعراض عنه كفيل بأن يحيل حياة الإنسان في دنياه وأخراه إلى شقاء وضيق وعذاب مستمر، قال تعالى: {وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِی فَإِنَّ لَهُۥ مَعِیشَةࣰ ضَنكࣰا وَنَحۡشُرُهُۥ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ أَعۡمَىٰ} [سورة طه 124].

من منتجاتنا

No data was found