قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم: الخبيئة الصالحة

المحتويات:

خطبة الحرم: الخبيئة الصالحة

مقتطفات من خطبة الجمعة في الحرم المكي
خطب بها فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي

التاريخ ١٦ ربيع أول ١٤٤٣

موضوع الخطبة: الخبيئة الصالحة

الخطبة الأولى:

  • إن الله تعالى خلق الخلق وبعث الرسل وأنزل الكتب لعبادته وحده لا شريك له {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ولا تقوم هذه العبادة إلا بالإخلاص فلا يبغي العبد بها الا وجه الله تعالى لا رياء فيها ولا سمعة والاخلاص هو حقيقة الدين وأساس العبادة وشرط قبولها وهو بمنزلة الروح للجسد فلا عبودية لمن لا إخلاص له وبه ترفع الدرجات وتغفر الزلات ويطمئن القلب ويرتاح البال.
  • الإخلاص يا عباد الله عزيز يحتاج إلى مجاهدة وإلى دوام محاسبة.
  • والرياء أخفى من دبيب النمل على صفاةٍ سوداء في ليلة ظلماء وهو يفسد العبادة ويحبط الأجر والله جل جلاله وتقدست أسمائه هو الغني الحميد العزيز المجيد لا يرضى أن يشرك معه غيره فإن أبى العبد إلا الشرك تركه الله وشركه ورد عليه عمله.
  • في مسند الإمام أحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم الشِّركُ الأصْغَرُ، قالوا: وما الشِّركُ الأصْغَرُ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الرِّياءُ؛ يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لهم يومَ القِيامةِ إذا جُزِيَ الناسُ بأعمالِهم: اذْهَبوا إلى الذين كنتُم تُراؤون في الدُّنيا، فانظُروا هل تَجِدون عِندَهُم جزاءً؟!”،

    {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16]
  • إخوة الايمان إن مما يعين تربية النفس على الاخلاص ودفع أسباب الرياء ان يجعل المؤمن لنفسه خبيئة من عمل صالح يرجو بها ما عند الله جل جلاله وفي مصنف ابن ابي شيبه قال الزبير ابن العوام رضي الله عنه من استطاع منكم ان يكون له خبء من عمل صالح فليفعل
  • الخبيئة الصالحة هي كل طاعة في السر لا يطلع عليها إلا الله ، ركعاتٌ في ظلمة الليل تركعها او تلاوات وختمات للقران تختمها او صدقة تُخفيها او كربه تفرجها او رعاية أرمله او أيتام أو بر أبٍ وأم أو استغفارٌ بالأسحار أو دمعةٌ في خلوةٍ من خشية القهار أو إصلاح في السر بين الناس او صيامٌ لا يعلم به أحدٌ من الناس.
  • من الخبايا الصالحة التفكر في اختلاف الليل والنهار والنظر في خلق السماوات والارض وتسبيح فاطرهما والنية الصادقة من الخبايا الصالحة.
  • من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة ومن سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وان مات على فراشه
  • وفي سنن الترمذي قال رسول صلى الله عليه وسلم “انما الدنيا لأربعة نفر عبدٍ رزقه الله مالً وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل وعبدٍ رزقه الله علما ولم يرزقه مال فهو صادق النية يقول لو ان لي مالً لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء ،
  • فالخبيئة الصالحة دليل على الصدق والاخلاص وبها يتقرب العبد الى ربه ويدخرها لنفسه ويرجو بها ان يكون ليكون ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله
  • الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه متفقه عليه فالخبيئة الصالحة لا تكون الا في قلب سليم قد أحسن الظن بربه ورغب فيما عنده فاخفى عمله وتجرد لخالقه
  • أهل الخبيئة الصالحة لهم نور في الوجه وقبول ومحبه عند الخلق وذلك لما خلو بالله جل جلاله أحبهم وألبسهم من نوره وجعل لهم المحبة والقبول عند خلقه.
  • قال ابن مبارك رحمه الله:“إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض” …..

    “إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض” متفق عليه
  • قال ابنُ الجَوزي رحمه الله: “واللهِ لقد رأيتُ مَن يُكثر الصلاةَ والصومَ والصَّمت، ويتخشَّعُ في نفسِه ولباسِه.. والقلوبُ تَنبُو عنه -تَنْفر-، وقدْره في النفوس ليس بذاك! ورأيتُ مَن يلبَسُ فاخرَ الثياب، وليس له كبيرُ نَفْلٍ، ولا تَخشُّع، والقلوبُ تتهافَت على محبته! فتدبرتُ السبب، فوجدتُه السَّريرة..! فمَن أصلَح سَريرَته، فاحَ عبيرُ فضلِه وعَبقت القلوبُ بنشْرِ طِيبِه، فاللهَ اللهَ في السرائر، فإنَّه ما ينفعُ مع فسادِها صلاحُ ظاهر”

الخطبة الثانية:

  • لقد جاءت نصوص الشريعة بالحث على إخفاء العبادات، واستحباب نوافل الطاعات في الخلوات، فصدقة السر أفضل من صدقة العلانية، وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار، لما فيها من تعظيم الرب جل جلاله والرغبة فيما عنده، وتطهير القلب من أردان الرياء والتطلع لحب الثناء.
    قال ﷲ تعالى : {إِن تُبۡدُوا۟ ٱلصَّدَقَـٰتِ فَنِعِمَّا هِیَۖ وَإِن تُخۡفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلۡفُقَرَاۤءَ فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ وَیُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَیِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ}. [سورة البقرة: 271]
    وأوصى صلى الله عليه وسلم أصحابه بأداء نوافل الصلوات في البيت مع أن الصلاة في مسجده بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وفي سنن الترمذي عن عمرو بن عبسة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن”.[أخرجه الترمذي]
  • من العبادات والشعائر لا يتم إلا بإظهاره وإشاعته، كشهود الجمع والجماعات، والإحسان والصلات، والتعاون على البر والتقوى، ولكن المقصود أن يصلح العبد ما بينه وبين ربه، وتكون له خبيئة من عمل صالح يرجو ثوابها ويحتسب أجرها، ويصلح بها سريرته، فصلاح السرائر طريق للرفعة في الدنيا والنجاة في الآخرة، فمن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح أمر آخرته أصلح الله له دنياه، ومن أصلح ما بينه وما بين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس،.

من منتجاتنا

No data was found