قلب ينبض بالإيمان، قلب صالح..درب يصلح

You are reading

خطبة الحرم: أشرف العلوم العلم بالله

المحتويات:

خطبة الحرم: أشرف العلوم العلم بالله

مقتطفات من خطبة الجمعة في الحرم المكي
خطب بها فضلية الشيخ د. بندر بليلة

٧ ربيع الثاني ١٤٤٣

موضوع الخطبة: أشرف العلوم العلم بالله

الخطبة الأولى:

الله هو المستحق لصفات الكمال، المنعوت بنعوت الجلال، تألهه الخلائق تعظيما وخشوعا، وخوفاً وخضوعاً،

﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾

سبحت لعظمته الأفلاك ، وخرت لملكه الأملاك

﴿وَإِن من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بحمده ولكن لا تَفْقَهُونَ تسبيحهم﴾.

سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، له نصلي ونسجد وإليه نسعى ونحفد ، وإياه نوحد ونعبد

﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾

تهفو له القلوب وتسكن إليه النفوس وتلتذ بمعرفته العقول، وتفتقر إليه المخلوقات بأسرها، كيف لا وهو منشؤها وباريها ومعيدها ومبدؤها، تصمد إليه في رغائبها، وتلوذ به في مصائبها وتفزع إليه عند نوائبها.

ما ذاق طعم العيش من لم يكن له حبيبٌ إليه يطمئن ويسكن .

يحفظ سبحانه ما خلق، ويقي ما أوجد يصون أوليائه من الوقوع في الذنوب والهلكات ويرأف بهم في الحركات والسكنات لطيف أحاط علمه بالسرائر والخفايا، عليم أدرك البواطن والخبايا، وكيل لا يتوكل إلا عليه ولا تناط الآمال إلا به، ولا تلجئ الظهور إلا إليه، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا، جبار يجبر القلوب والأجساد، بسد الخله ومحو الزلة، وإفاضة الأجر والثواب على الكسير والفقير والمصاب.

كان من دعائه صلى الله عليه وسلم بين السجدتين: رب اغفر لي وارحمني واجبرني أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي .

يدبر الأمر يخلق ويرزق ويأمر وينهى ويُميت و يُحيي، ويَقضي ويُنفذ ويقلب الليل والنهار، يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن، أحصى كل شيء عدداً ووسع كل شيء رحمة وحكمة وحلماً.

أيها الناس، الله يغني السائل ويكفي العائل يبدأ النعمة قبل الاستحقاق ويجود بالإحسان من غير استثابة، لا تحجب عنه دعوة ولا تخيب لديه طلبه ،ولا يظل عنده سعي، هو القريب في علوه، العلي في دنوه.

إذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، فأفضيت له بحاجتك، وشكوت إليه همومك واستكشفته كروبك واستعانته على أمورك وسألته من خزائن رحمته .

ثم جعل في يديك مفاتيح خزائنه ،بما أذن لك من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته.

فلا يقنطك إبطاء إجابته، فإن العطية على قدر النية، وربما أخرت الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجل السائل وأجزل لعطاء الآمر.

جعل نزوعك عن الذنب حسنة، وعد سيئتك واحدة، وعد حسنتك عشرا ، سبحانك يا الله !

سبحانك من مليك ما أمنعك، سبحانك من رفيع ما أرفعك!

ذو البهاء والمجد و الكبرياء والحمد، لك يا الله الذل وبك العز، وإليك الشوق، ومنك الخوف، توحيدك الاعتقاد، وعليك الاعتماد وعفوك الرجاء، ورضاك البغية إياك نعبد وإياك نستعين.

الخطبة الثانية:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله: اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه، إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به.

إن العبد إذا علم ما لمولاه من صفات الكمال والجلال ودلائل العظمة والجمال وشواهد الأنعام الإفضال أحبه محبةً عظيمةً تفوق محبة النفس والأهل والولد وتلك مرتبة عظمى ومنزلة كبرى ،

قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾.

وقال المصطفى صل الله عليه وسلم: “ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ : أنْ يكونَ اللهُ و رسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما ، و أنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ ، و أنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ في الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ ؛ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى في النارِ”

من لوازم حب العبد لربه تعالى: عبادته وحده لا شريك له، والإخلاص له وفعل أوامره وترك زواجره، ومنها إدامة ذكره عز وجل، لأن من أحب شيئا أكثر من ذكره، وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: وأنا معه إذا ذكرني .

من منتجاتنا

No data was found