٢٢ رمضان
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119)
✨ *الصدق من الإيمان*
أمر الله سبحانه وتعالى أهل الإيمان أن يكونوا مع الصادقين، وذكرهم من الفئة المنعم عليهم في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} (النساء:69).
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن أهل البر وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم من الإيمان والإسلام، والصدقة والصبر، بأنهم أهل الصدق، فقال تعالى: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة:177]
وهذا صريح في أن الصدق في الأعمال الظاهرة والباطنة و أنه هو الإيمان والإسلام.
✨ *أنواع الصدق*
والصدق أنواع:
*الصدق في الأقوال:* وهو استواء اللسان على الأقوال، مثل الصدق في قول: “لا إله إلا الله” بمعرفة معناها ومقتضاها والإتيان به.
*والصدق في الأعمال:* وهو استواء الأفعال على ما أمر الله، ومتابعة نبيه فيه.
*والصدق في الأحوال:* وهو استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص.
وأعلى مراتب الصدق: مرتبة الصديقية وهي كمال الانقياد للرسول صلى الله عليه وسلم مع كمال الإخلاص للمرسل. ?
وسمي أبو بكر الصديق صديقاً لكثرة تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم.
فكانت الصديقية: كمال الإخلاص والانقياد، والمتابعة للخبر والأمر، ظاهراً وباطناً.
✨ *الصدق منجاة:*
قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين “إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً”.?
وفي حديث الثلاثة الذين أُغلق عليهم الغار أنه قال بعضهم لبعض:
إنه و الله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه صدق فيه…
فتوسل أحدهم بعفته، وآخر بأمانته، وآخر ببره بوالديه ففرج الله عنهم.?
وأعجب من ذلك قصة الخليل عليه السلام حين صدق الله في تنفيذ الرؤيا بذبح ولده، فإنه لما صدق مع الله وشرع في تنفيذ الأمر كان الفرج وكانت العطايا والخيرات العظام من الله تعالى {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ.قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ.وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.(الصافات:104- 107).?
وقد أخبر سبحانه وتعالى أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذاب الله إلا صدقه، قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة:119).
✨ *مدخل صدق ومخرج صدق*
قال تعالى يرشد نبيه عليه الصلاة والسلام: *{وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا}* (الاسراء:٨٠)
فكان مدخله -صلى الله عليه وسلم- المدينة مدخل صدق بالله، ولله، وابتغاء مرضاة الله.
فاتصل به التأييد والنصر، وإدراك ماطلبه في الدنيا والآخرة، ?بخلاف مدخل الكذب الذي دخل أعداؤه به المدينة يوم الأحزاب، فإنه لم يكن بالله، ولا لله بل كان محاداة لله ورسوله، فلم يتصل به إلا الخذلان والبوار. ?
وقال السعدي في تفسير الآية: أي: اجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك وعلى مرضاتك، وذلك لتضمنها الإخلاص وموافقتها الأمر.
فأنت عندما تعزم على الأمر وتهم به، تفكر دائما هل هذا مدخل أو مخرج في طاعة الله؟ يحبه ويرضاه؟ وهل الإخلاص مستقر فيه؟❓
?
كان بعض السلف إذا خرج من داره: رفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم إني أعوذ بك أن أخرج مخرجاً لا أكون فيه ضامناً عليك.“أي أن لا يكون المخرج مخرج صدق”.
?
?