٢٤ رمضان
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة:١٨٦)
✨ *الدعاء عبادة*
الدعاءِ شأنه عظيم، ونفْعَهُ عميم، فما استُجْلِبت النعمُ ولا استُدْفِعت النِّقَمُ بمثله، وإن شهرَ رمضانَ لفرصةٌ عظيمة، ومناسبة كريمة يتقرب فيها العبد إلى ربه بسائر القربات، وعلى رأسها الدعاء؛ ذلك أن مواطن الدعاء، ومظانَّ الإجابة تكثر في هذا الشهر؛ فلا عجب أن يُكْثِر المسلمون فيه من الدعاء!?
ولعل هذا هو السر في ختم آيات الصيام بالحثّ على الدعاء، حيث يقول ربنا -عز وجل-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ).
فسبب نزولها أن بعض الصَّحابة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أقريبٌ ربُّنا فنناجيَه أم بعيدٌ فنناديَه؟❓
فأنزل الله تعالى هذه الآية، فهو سبحانه قريبٌ بعلمه يسمع ( دعوة الداع ) إذا أجابه بالطاعة وصدَّق الرسل.
قال بعض أهل العلم: وفي هذه الآية إيماء إلى أن الصائم مرجوَ الإجابة، وإلى أن شهر رمضان مرجوة دعواته، وإلى مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من أيام رمضان.?
✨ *آداب الدعاء:*
فحري بالمؤمن حتى يستجاب له دعواته بإذن الله أن يتحرى آداب الدعاء
قال ابن باز رحمه الله:
« المؤمن إذا رغب في استجابة الدعاء فعليه أن يحرص على الإخلاص لله في دعائه، والخضوع لله، وإحضار القلب بين يدي الله، والحذر من المعاصي ومن أكل الحرام، كل هذه من أسباب الإجابة».
وأيضًا من آداب الدعاء:
? أن يدعو الله وهو موقن بالإجابة قال -صلى الله عليه وسلم-: { ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ }.
? أن يبتدىء الدعاء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
? دعاء الله -تعالى- بأسمائه الحُسنى المناسبة للدعاء المَطلوب؛ والتوسُّل إلى الله -تعالى- بصفاته الحسنى؛ مثل: برحمتك أستغيث، بجودك أستجير.
? أن يكون على الطهارة أثناء الدعاء، ويستقبل القِبلة أثناء الدعاء.
? أن يستمر على الدعاء ويلازمه، ولا ينقطع عنه سآمةً من الدعاء ويأسًا من الإجابة.
? أن يغتنم أوقات الإجابة ويتحراها ، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبة عقِب الأذكار المشروعة، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المِنبر حتى تَنقضي الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة، وليالي العشر الأخيرة من رمضان التي يُتحرَّى فيها ليلة القدر.
ويغتنم الأحوال التي يُستجاب فيها الدعاء، مثل: حال السجود، والصيام، والسفر.
أن يرفع يديه، ويجعل بطونهما إلى السماء، مع ضمِّهما معًا، أو التفريج اليسير بينهما، أما ما يفعله كثير من الناس من التفريج بين الكفَّين كثيرًا فلا أصلَ له، ولا قاله أحد مِن أهل العلم فيما علِمناه.
? تَكرار الدعاء والإلحاح فيه.
? خفض الصوت والإسرار بالدعاء.
✨ *الدعاء في ليلة القدر:*
فينبغي على المؤمن أن يكثر من الدعاء في كل وقت وفي رمضان وفي ليلة القدر خاصة وذلك أنها وذلك أنها خير من ألف شهر ..
قال ابن عثيمين: «هذه أيضًا من أوقات الإجابة: عشية عرفة، وليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وهي كغيرها من الليالي بالنسبة للإجابة، أي أن آخر الليل فيها وقت إجابة، وهي خير من ألف شهر بالدعاء فيها، وفي بالبركة التي تحصل بها، كما قال تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ} (الدخان: ٣) »
فهذه الليلة وغيرها كثير من أوقات الاستجابة بشرى للعباد ورحمة بهم من الله -عز وجل- فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَيَقُولُ: “أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ” رواه البخاري.
وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن وافقتُ ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي: “اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني” رواه الترمذي.
?
قال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } فهذا وعد إلٰهي بالإجابة من الكريم الذي يده سحاء بالليل والنهار فحاشاه أن يردك!
?