١٧ رمضان
قال صلى الله عليه وسلم: “إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت”
[رواه البخاري]
✨ *الحياء صفة يحبها الله*
قال ابن حبان رحمه الله: “الحياء اسم يشتمل على مجانبة المكروه من الخصال”.?
والحياء صِفَة مِن صِفَات الله عزّ وَجَلّ، ففي الحديث الصحيح : “إن الله عز وجل حَيِيّ سِتِّير يُحِبّ الْحَيَاء والسِّـتْر” [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي ].
فكلما اتصف العبد بصفة من صفات الله سبحانه وتعالى، كان من أحب خلقِ الله إلى الله، فكفى بالحياء خلقاً يجعلك محبوباً عند ربك.?
وقد كان الحياء حُلية الأنبياء والصالحين، وهو ما اتصف به القوي الأمين، محمد- صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في الأثر أنه كان “أشد حياء من العذراء في خدرها”، وعن ابن عبَّاس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس: “إن فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة”[رواه مسلم]، فهو خلق تتوارثه الأجيال و تفخر به الأمم.
✨ *الحياء شعبة من شعب الإيمان*
إن الحياء خلق كريم، من أخلاق الإسلام و خصلة ملازمة للإيمان، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنه قال:
“الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، *والحياء شعبة من الإيمان*” [رواه مسلم]
قال الإمام ابن القيم- رحمه الله-: “والحياء من الحياة ومنه يقال: الحيا للمطر، و على حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء- وقلة الحياء من موت القلب والروح، فكلما كان القلب أحيا كان الحياء أتم، فحقيقة الحياء أنه خلق يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق، والحياء يكون بين العبد وبين ربه- عزّ وجلّ-. فيستحي العبد من ربه أن يراه على معصيته ومخالفته، ويكون بين العبد وبين الناس”.
فكفى بالحياء خيراً أن يكون للخير دليلاً، فمن اتصف به هجر المعصية خجلاً من ربه وأقبل على طاعته يقوده الحب والتعظيم، هو خصلة حميدة تنأى بالمسلم عن كل قبيح و ترفع سياج حصنه من السيئات وقبيح الأفعال.
✨ *الحياء مكتسب من معرفة الله*
وحياء العبد من الله فما هو إلّا حياء العبودية، والخوف من الله حياء مكتسب بمعرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة عظمته واطلاعه عليه وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهو أعلى خصال الايمان بل أعلى درجات الايمان.?
كما يُوجب مقابلة النعم بالشكر وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فالمسلم يتأدب مع الله فلا ينكر إحسان الله وفضله عليه لأنه يعلم أن الله مطَّلع عليه، فإذا عرضت عليه فتنة ردها بما رد يوسف امرأة العزيز {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} (يوسف: ٢٣)
حياءً من الله، إذا عملت فاذكر نظره، وإذا تكلمت فاذكر سمعه، وإذا أضمرت سوءاً فاذكر علمه، فالسر عند ربنا علانية والله لا تخفى عليه خافية.?
✨ *ابدأ بقانون الترك حياءً من الله*
وأنت في خير الشهور، ابدأ بقانون الترك حياء من الله فهو من الأعمال التي ترفع الإيمان وتقفز به عالياً، من الأعمال التي تندي القلب وتلينه وتسقيه.
ستأتيك الصوارف والشواغل والقواطع من هنا وهناك، ولكن متى ما استشعرت عظمة مراقبة الله سبحانه واستحييت منه أن يراك على معصية في شهر تتضاعف فيه الحسنات، وتصفد فيه مردة الشياطين والجان، سيفتح الله في وجهك أبواب الرحمة ويزهر معها قلبك. ?
اعزم على ترك الخيانات وذنوب الخلوات فهي إغلاق وإطباق، وهي البلاء الذي يسقط قلبك ويلوثه.
?
الحياء أخف التقوى، ولا يخاف العبد حتى يستحي، وهل دخل أهل التقوى في التقوى إلا من الحياء؟
?